المقدمة:
الحياة عزيزة وغالية. وكل من سرقها هو بالضرورة مجرم، مهما كانت الأسباب الظالمة والمتخفية. الإرهاب واحد من أمراض العصر التي أصابت الجسد العربي والعالمي في الصميم، ودمرت ليس فقط النسيج الإنساني بين الأمم، ولكن أيضا داخل البشرية بعنف بحيث أصبح الحذر والشك هما عملة التواصل الوحيدة. وأصبحت حياة الإنسان لا تساوي الشيء الكثير في العمليات الإرهابية المتكرّرة ما يحدث اليوم شديد الخطورة ويكاد يكون ضرباً من الجنون الحقيقي. طبعاً في الحالات الطبيعية يصعب علينا أن نتصور إنساناً، فيه بقايا جينات البشر أن يضع قنبلة قاتلة للعشرات بل للمئات أحيانا وربما الألوف من البشر طبعاً، يظل الإنسان أحياناً رهين رؤية رومانسية لا تسمح له بالتوغل عميقاً في إمكانات الأعماق البشرية. مع أن الحروب بينت لنا كم من وحش خرافي قادم من بعيد ينام تحت الغلاف الإنساني، من أغوار تراكمات التوحش البشري فما فعلته محاكم التفتيش المقدس في القرون الوسطى يبيّن هذا بوضوح، وما فعلته الحرب العالمية الأولى والثانية في البشر يصعب على الإنسان تخيله. والحروب الحالية لا تشذ عن القاعدة. والممارسات الداعشية التي تتلذذ بتصوير عمليات القتل والحرق وتقطيع الرؤوس،وممارسات الديكتاتوريات الظالمة التي تتفنن بقتل شعوبها والتي تظهر بما لا يدع مجالاً للشك أنه لا حدود لبشاعة الإنسان الداخلية، ولا حد لاكتشافاته في التعذيب والإهانة والقتل فما هو الأرهاب وماتاريخه وماهي دوافعه وأهدافه وهل اتفق العالم على تعريفه فما هو؟
تعريف الأرهاب:
الأرهاب ﻫﻮ ﻋﺒﺎﺭﻩ ﻋﻦ ﻭﺳﻴﻠﺔ ﻣﻦ ﻭﺳﺎﺋﻞ ﺍﻹﻛﺮﺍﻩ والعنف ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﺪﻭﻟﻲ. ﻭﺍﻹﺭﻫﺎﺏ ﻻ ﻳﻮﺟﺪ ﻟﺪﻳﻪ ﺃﻫﺪﺍﻑ ﻣﺘﻔﻖ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻋﺎﻟﻤﻴﺎً ﻭﻻ ﻣﻠﺰﻣﺔ ﻗﺎﻧﻮﻧﺎً، ﻭﺗﻌﺮﻳﻒ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ﺍﻟﺠﻨﺎﺋﻲ ﻟﻪ ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ ﺇﻟﻰ ﺗﻌﺮﻳﻔﺎﺕ ﻣﺸﺘﺮﻛﺔ ﻟﻺﺭﻫﺎﺏ ﺗﺸﻴﺮ ﺇﻟﻰ ﺗﻠﻚ ﺍﻷﻓﻌﺎﻝ ﺍﻟﻌﻨﻴﻔﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻬﺪﻑ ﺇﻟﻰ ﺧﻠﻖ ﺃﺟﻮﺍﺀ ﻣﻦ ﺍﻟﺨﻮﻑ، ﻭﻳﻜﻮﻥ ﻣﻮﺟﻬﺎً ﺿﺪ ﺃﺗﺒﺎﻉ ﺩﻳﻨﻴﺔ ﻭﺃﺧﺮﻯ ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ ﻣﻌﻴﻨﺔ، ﺃﻭ ﻫﺪﻑ ﺃﻳﺪﻳﻮﻟﻮﺟﻲ، ﻭﻓﻴﻪ ﺍﺳﺘﻬﺪﺍﻑ ﻣﺘﻌﻤﺪ ﺃﻭ ﺗﺠﺎﻫﻞ ﺳﻼﻣﺔ ﻏﻴﺮ ﺍﻟﻤﺪﻧﻴﻴﻦ. ﺑﻌﺾ ﺍﻟﺘﻌﺎﺭﻳﻒ ﺗﺸﻤﻞ ﺍﻵﻥ ﺃﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﻌﻨﻒ ﻏﻴﺮ ﺍﻟﻤﺸﺮﻭﻋﺔ ﻭﺍﻟﺤﺮﺏ. ﻳﺘﻢ ﻋﺎﺩﺓ ﺍﺳﺘﺨﺪﺍﻡ ﺗﻜﺘﻴﻜﺎﺕ ﻣﻤﺎﺛﻠﺔ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺍﻟﻤﻨﻈﻤﺎﺕ ﺍﻹﺟﺮﺍﻣﻴﺔ ﻟﻔﺮﺽ ﻗﻮﺍﻧﻴﻨﻬﺎ ﻭ ﺑﺴﺒﺐ ﺍﻟﺘﻌﻘﻴﺪﺍﺕ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻭﺍﻟﺪﻳﻨﻴﺔ ﻓﻘﺪ ﺃﺻﺒﺢ ﻣﻔﻬﻮﻡ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻌﺒﺎﺭﺓ ﻏﺎﻣﻀﺎً ﺃﺣﻴﺎﻧﺎً ﻭﻣﺨﺘﻠﻒ ﻋﻠﻴﻪ ﻓﻲ ﺃﺣﻴﺎﻥ ﺃﺧﺮﻯ. ﺍﻟﺠﺪﻳﺮ ﺑﺎﻟﺬﻛﺮ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﺴﻴﺤﻴﻦ ﻗﺪ ﻋﺎﻧﻮﺍ ﻣﻨﻪ ﺑﺴﺒﺐ ﺇﺳﺘﻬﺪﺍﻑ ﺍﻟﺠﻤﺎﻋﺎﺕ ﺍﻟﻤﺘﻄﺮﻓﺔ ﻟﻬﻢ ﻭﺃﻳﻀﺎً ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻓﻲ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﺍﻟﺮﺍﻫﻦ ﻗﺪ ﻧﺎﻝ ﻧﺼﻴﺐ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻌﺒﺎﺭﺓ ﻷﺳﺒﺎﺏ ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ ﺗﺤﻜﻤﻬﺎ ﺻﺮﺍﻋﺎﺕ ﺩﻭﻟﻴﺔ وأقليمية ويعد الارهاب ظاهرة اشكالية ؛ وليس هناك تعريف واحد متفق عليه بين دارسيه والمهتمين به . وتتباين تعريفاته من وقت الى أخر ومن جهة الى أخرى . ومن المفيد الإشارة هنا إلى الدراسة المشهورة في أدبيات الإرهاب التي قام بها الباحثان من جامعة ليدن (Leiden) (أليكس سميث، وألبرت يونغمان) اللذان قاما من خلالها بجمع (109) تعريفات للإرهاب رسمية وأكاديمية، وكلها تختلف عن بعضها، ولكن المميز في هذه الدراسة،“الكمية الهائلة لرصد تعريفات الإرهاب, وتحليل هذه التعريفات إلى عناصرها الأولية، وما هي المعايير التي تحظى بأكبر نسبة إجماع لدى الباحثين الأكاديميين والجهات الرسمية؟.
1-عنصر” العنف” موجود في (83,5 %) من مجموع تلك التعريفات.
2-عنصر الأهداف السياسية، موجود في (65%) من التعريفات.
3-عنصر بث الرعب والخوف موجود في (51%) من التعريفات.
4-عنصر الاستهداف، والتميز بين الأهداف المقصودة بالعمل الإرهابيّ موجودان في (21%) من التعريفات.
5-عنصر الضحايا المدنيين، وغير المشاركين في العمليات القتالية موجود في (17,5%) فقط من المجموع الكلي للتعريفات لـ (109) تعريفات.
- جميع التعريفات الرسمية متشابهة تقريباً.
إنّ أهمّ عنصرين توصلت إليهما الدراسة أعلاه هما: أنّ عنصر العنف, وعنصر الأهداف السياسية يكتسبان أهمية فائقة وسنعرض هنا نماذج مختارة لبعض أهم تعريفات الإرهاب الرسمية التي تمثل بعض المؤسسات الأمنية المختلفة، وتعريف الأمم المتحدة وبعض الدول، إضافة إلى بعض التعريفات الأكاديمية البحثية
التسلسل |
جهة التعريف |
نص التعريف |
---|---|---|
1 | الأمم المتحدة UN(2004) | أيّ فعل يهدف إلى التسبب بالموت، أو الإصابة البالغة بالمدنيين، أو غير المشاركين بالقتال, بهدف ترهيب المواطنين أو إجبار حكومة ما أو منظمة دولية للقيام، أو الامتناع عن القيام، بأي عمل |
2 | وزارة الخارجية الأمريكية 2007 | عنف بدوافع سياسية، يستهدف بشكل معتمد الأهداف غير العسكرية (غير المشاركين بالقتال بواسطة جماعات ما دون القومية أو وكلاء سريين، ويهدف عادة إلى التأثير على الجماهير الشعبية |
3 | وزارة الدفاع الأمريكية 2007 | الاستخدام المتعمد غير المشروع للعنف لبث الخوف , بهدف إجبار أو تهديد حكومات أو مجتمعات , لتنفيذ أهداف عادة ما تكون دينية او إيديولوجية |
4 | مكتب التحقيقات الفيديرالية الأمريكية (FBI) 2007 | الاستخدام غير المشروع للعنف والقوة ضد الأشخاص والممتلكات، لإجبار الحكومة أو المواطنين المدنيين، أو أيّ جزء منهم أو تهديدهم, لغايات وأهداف سياسية أو اجتماعية |
5 | بريطانيا (التعريف القانوني) 1974 | الإرهاب هو استخدام العنف لأهداف سياسية , ويشمل أي استخدام للعنف بهدف إلى وضع المواطنين (أو الجمهور) أو أي جزء منهم في حالة خوف. |
6 | الاتفاقية العربية 1998(بتوقيع وزراء الداخلية العرب) | كلّ عمل من أعمال العنف أو التهديد به أياً كانت بواعثه أو أغراضه يقع تنفيذاً لمشروع إجراميّ فرديّ أو جماعيّ، ويهدف إلى إلقاء الرعب بين الناس وترويعهم بإيذائهم أو تعريض حياتهم أو حريتهم أو أمنهم للخطر, أو إلحاق الضرر بالبيئة أو بأحد المرافق أو الأملاك العامة أو الخاصة, أو امتلاكها أو الاستيلاء عليها, أو تعرض أحد الموارد الوطنية للخطر. |
7 | براين بريغن Brian Burgain، جامعة امستردام، 2006م. | الإرهاب هو عنف سياسيّ متعمد يرتكب ضد أهداف غير مشاركة في القتال وساطة جماعات شبه قومية Sub-National أو عملاء سريين, ويستهدف عادة التأثيرعلى المواطنين |
8 | تعريف خبيرة الإرهاب (أودري كيرث كرونين) K.CROUNIN AUDREY مكتبة الكونجرس2003 | الإرهاب هو التهديد أوالاستخدام الظاهر للعنف العشوائيّ، ضد الأبرياء لأهداف سياسية عن طريق أطراف فاعلة من غير الدول |
9 | · تعريف كين بوث وتيم ديون 2005 | الإرهاب هو أسلوب في العمل السياسيّ يستخدم العنف (أو يتعمد بث الخوف) ضد المدنيين، والبنى التحتية المدنية بقصد التأثير في السلوك، أو إيقاع عقوبة، أو الأخذ بالثأر |
10 | · تعريف ب. بيتر روسندورف و تود ساندلر, 2005 جامعة جنوب كاليفورنيا. | · الإرهاب هو الاستخدام المتعمد أوالتهديد بلعنف, بوساطة أفراد أو جماعات شبه قومية للحصول على غايات سياسية أو اجتماعية من خلال تهديد قطاع واسع من المواطنين يتعدى حدود الضحايا المباشرين له |
من خلال التعاريف السابقة نجد تقارُب مفهوم الإرهاب لغويًا مع مفهوم التخويف المقترن بالعنف ولقد أوجد مساحة فضفاضة أعطت فرصة لوصف كل ما هو مخيف بالإرهاب، حتى وإن كان ذلك مشروعًا كمقاومة الاحتلال او الثورات المشروعة ضد الديكتاتوريات البائسة والتي تندرج تحت مفهوم الدفاع عن النفس. وجعل هذا التقاربُ والتأويلَ في هذا المجال واسعًا، وترك الباب مفتوحًا لاستغلال المصطلح وإخضاعه لميول ورغبات أشخاص وجماعات ودول، مما سبب خلطًا كبيرًا والتباسًا وفق سياسة الاجتزاء والتدليس والتلاعب الفلسفي في المنطق والمفاهيم لذلك نجد إن اختيار الغرب لهذا المصطلح الفضفاض وفرضه على العالم من أجل وصف أخطر الظواهر في القرن العشرين وفق خلطٍ متعمدٍ ومقصود، ينمّ عن أزمة قيمية ومبادئية عميقة تعاني منها هذه الحضارة المفترضة، فهو من حيث المفهوم اللغوي شيء، ومن حيث السياق والتعامل الغربي والعالمي معه شيء آخر يتداخل مع الأول أحيانًا ويتناقض معه مرارًا.
تاريخ الأرهاب:
يعود تاريخ العمل الإرهابي إلى ثقافة الإنسان بحب السيطرة وترهيب الناس وتخويفهم بغية الحصول على مبتغاه بشكل يتعارض مع المفاهيم الاجتماعية الثابتة، والعمل الإرهابي عمل قديم يعود بنا بالتاريخ مئات السنين ولم يستحدث قريباً في تاريخنا المعاصر. ففي القرن الحادي عشر، لم يجزع الحشاشون من بث الرعب بين الأمنين عن طريق القتل، وعلى مدى قرنين، قاوم الحشاشون الجهود المبذولة من الدولة لقمعهم وتحييد إرهابهم وبرعوا في تحقيق أهدافهم السياسية عن طريق الإرهاب. وفي حقبة الثورة الفرنسية الممتدة بين الأعوام 1789 إلى 1799 والتي يصفها المؤرخون بـ”فترة الرعب”، او “الإرهاب الممول من قبل الدولة”. فلم يطل الهلع والرعب جموع الشعب الفرنسي فحسب، بل طال الرعب الشريحة الارستقراطية الأوروبية عموماً. ويرى البعض ان من أحد الأسباب التي تجعل شخص ما إرهابياً أو مجموعة ما إرهابية هو عدم استطاعة هذا الشخص أو هذه المجموعة من إحداث تغيير بوسائل مشروعة، كانت اقتصادية أو عن طريق الاحتجاج أو الاعتراض أو المطالبة والمناشدة بإحلال تغيير. ويرى البعض أن بتوفير الأذن الصاغية لما يطلبه الناس (سواء أغلبية أو أقلية) من شأنه أن ينزع الفتيل من حدوث أو تفاقم الأعمال الإرهابية.
انواع الارهاب:
1- ارهاب عقدي.
2- ارهاب عملي.
3- ارهاب فكري.
4- ارهاب أخلاقي.
5- الارهاب الفردي: وهو الذي يقوم به الافراد لاسباب متعددة.
6- الارهاب الجماعي غير المنظم: وهو الإرهاب الذي ترتكبه جماعات غير منظمة من الناس تحقيقا لمآرب خاصة.
7- الإرهاب الجماعي المنظم: الذي يتمثل في جماعات الإرهاب التي تديرها وتشرف عليها دول غير ظاهرة أو مؤسسات أو هيئات مختلفة.
8- الإرهاب الدولي: وهو الإرهاب الذي تقوم به دولة واحدة أو أكثر. فهو إما أن يكون إرهابا دوليا أحاديا وهو الذي ترتكبه دولة واحدة، أو إرهابا ثنائيا وهو الذي ترتكبه دولتان، أو إرهابا جماعيا وهو الذي ترتكبه مجموعة من الدول أو يقع من دولة واحدة ولكن بدعم من دول أو حلف من الدول الأخرى.
أسباب الارهاب:
1-الأسباب التربوية والثقافية: فالتربية والتعليم هما أساس تثبيت التكوين الفطري عند الإنسان. فأي انحراف أو قصور في التربية يكون الشرارة الأولى التي ينطلق منها انحراف المسار عند الإنسان، والفهم الخاطئ للدين يؤدي إلى خلق صورة من الجهل المركب، ويجعل الفرد عرضة للانحراف الفكري والتطرف في السلوك، وتربة خصبة لزرع بذور الشر وقتل نوازع الخير، بل ومناخا ملائما لبث السموم الفكرية من الجهات المغرضة، لتحقيق أهداف إرهابية. ويقع عبء هذا الأمر ومسؤوليته على المؤسسات التي تتولى تربية الأفراد وتعليمهم وتثقيفهم في جوانب التكوين التربوي العام، أو التربوي الخاص كالتعليم الديني، سواء أكانت تلك المؤسسات ذات مسؤولية مباشرة- كمؤسسات التعليم العام والجامعي- أم ذات مسؤولية غير مباشرة كوسائل الإعلام بشتى أنواعها.
–2 الأسباب الاجتماعية: المجتمع هو المحضن الذي ينمو فيه الإنسان، وتنمو فيه مداركه الحسية والمعنوية، فهو المناخ الذي تنمو فيه عوامل التوازن المادي والمعنوي لدى الإنسان. وأي خلل في تلك العوامل، فإنه يؤدي إلى خلل في توازن الإنسان في تفكيره ومنهج تعامله، فالإنسان ينظر إلى مجتمعه على أن فيه العدل وفيه كرامته الإنسانية، وحينما لا يجد ذلك كـما يتصور فإنه يحاول التعبير عن رفضه لتلك الحالة بالطريقة التي يعتقد أنها تنقل رسالته. فانتشار المشكلات الاجتماعية ومعاناة المواطنين دوافع إلى انحراف سلوكهم ، وتطرف آرائهم وغلوهم في أفكارهم ، بل ويجعل المجتمع أرضا خصبة لنمو الظواهر الخارجة على نواميس الطبيعة البشرية المتعارف عليها في ذلك المجتمع.
3 -الأسباب الاقتصادية: الاقتصاد من العوامل الرئيسة في خلق الاستقرار النفسي لدى الإنسان؛ فكلما كان دخل الفرد يفي بمتطلباته ومتطلبات أسرته، كلما كان رضاه واستقراره الاجتماعي ثابتا، وكلما كان دخل الفرد قليلا لا يسد حاجته وحاجات أسرته الضرورية، كلما كان مضطربا غير راض عن مجتمعه، بل قد يتحول عدم الرضا إلى كراهية تقود إلى نقمة على المجتمع، خاصة إن كان يرى التفاوت بينه وبين أعضاء آخرين في المجتمع مع عدم وجود أسباب وجيهة لتلك الفروق، إضافة إلى التدني في مستوى المعيشة والسكن والتعليم والصحة، وغيرها من الخدمات الضرورية التي يرى الفرد أن سبب حدوثها هو إخفاق الدولة في توفيرها له بسبب فشو الفساد الإداري، وعدم العدل بين أفراد المجتمع.
هذه الحالة من الإحباط والشعور السلبي تجاه المجتمع يولد عند الإنسان حالة من التخلي عن الانتماء الوطني، ونبذ الشعور بالمسئولية الوطنية، ولهذا يتكون لديه شعور بالانتقام.
-4- الأسباب السياسية: وضوح المنهج السياسي واستقراره، والعمل وفق معايير وأطر محددة يخلق الثقة، ويوجـد القناعة، ويبني قواعد الاستقرار الحسي والمعنوي لدى المواطن، والعكس صحيح تماما، فإن الغموض في المنهج والتخبط في العمل، وعدم الاستقرار في المسير يزعزع الثقة، ويقوض البناء السياسي للمجتمع، ويخلق حالة من الصدام بين المواطنين والقيادة السياسية، وتتكون ولاءات متنوعة، وتقوم جماعات وأحزاب، فتدغدغ مشاعر المواطن بدعوى تحقيق ما يصبو إليه من أهداف سياسية ، وما ينشده من استقرار سياسي ومكانة دولية قوية.
5- -الأسباب النفسية والشخصية تتفاوت الغرائز الدافعة للسلوك البشري، فبعضها يدفع إلى الخير وأخرى تدفع إلى غير ذلك، ولهذا يوجد أشخاص لديهم مي: ول إجرامية تجعلهم يستحسنون ارتكاب الجرائم بصفة عامة، والجرائم الإرهابية بصفة خاصة، بل قد يتعطشون لذلك، وهؤلاء يميلون إلى العنف في مسلكهم مع الغير، بل مع أقرب الناس إليهم في محيط أسرهم، نتيجة لعوامل نفسية كامنة في داخلهم تدفعهم أحيانا إلى التجرد من الرحمة والشفقة، بل والإنسانية، وتخلق منهم أفرادا يتلذذون بارتكاب تلك الأعمال الإرهابي. وهذه الأسباب النفسية قد ترجع إلى عيوب أو صفات خلقية أو خلقية، أو خلل في تكوينهم النفسي أو العقلي أو الوجداني ، مكتسب أو وراثي.
* الارهاب الفكري:
هو أخطر أنواع الإرهاب وهو بطش بالوعي وبالفكر، وبالذاكرة، وبالحلم، كما أن الإرهاب الدموي الممارس يومياً هو بطش بالجسد وتخريب البيئة وقطع العلاقة مع الأرض والتاريخ والذاكرة. وبالإمكان القول إن هذا النوع من الإرهاب الفكري هو استخفاف بعقولنا. فمشاهد القتل والاغتيال والإبادة والتّفجير والتّخريب والتّدمير والاعتقال والإذلال والظّلم تفضي إلى حالة من الخوف والهلع والشّعور بالقلق وانعدام الأمن والاستقرار فيِ النّفس. والإرهاب الفكري موجود في كل المجتمعات بنسب متفاوتة. وهو ظاهرة عالمية ولكنه ينتشر في المجتمعات المنغلقة وذات الثقافة المؤدلجة والشمولية، ويتجسد في ممارسة الضغط أو العنف أو الاضطهاد ضد أصحاب الرأي المغاير أفراداً كانوا أم جماعات، وذلك بدعم من تنظيمات سياسية أو تنظيمات دينية تحرض عليه وتؤججه، والهدف هو إسكات الأشخاص وإخراسهم ليتسنى لهذه التنظيمات نشر أفكارها دون أي معارضة من التيارات الأخرى، والويل لمن تسول له نفسه الخروج عن الخط المرسوم له.
الارهاب في القانون الدولي:
يدين القانون الدولي الإرهاب الصادر عن أنظمة سياسية أو أفراد، ويطالب الدول بضرورة الامتناع عن تأييد النشاطات الإرهابية أو مساعدتها، بل إنه يدعو إلى مكافحة هذه الأعمال بكل الوسائل ويحدد العقوبات في حالة ممارستها سواء أكان مرتكبوها أفرادا أو منظمات سياسة أو دولا، وقد استند القانون الدولي إلى عدد كبير من الاتفاقات الدولية الضارعة التي تدعو إلى ذلك، منها: اتفاق منع إبادة الجنس، واتفاقا طوكيو ومونتريال حول إدانة الأعمال المخالفة للقانون على متن الطائرات، واتفاق إدانة خطف الدبلوماسيين، واتفاق إدانة احتجاز الرهائن، واتفاق منع التعذيب، واتفاق إدانة القرصنة البحرية، واتفاق الأشخاص المحميين دوليا… الخ، يضاف إلى ذلك العديد من البيانات التي صدرت عن الهيئات الدولية أو القرارات المتعلقة بالموضوع وهذا يؤكد على أن القانون الدولي شمل في أحكامه إرهاب الفرد وإرهاب الدولة وأكد على وجوب إنزال العقوبة بالاثنين معا، وحرص على أن يحظر على الدولة ممارسة الإرهاب أو القيام بما يخالف القانون الإنساني الدولي (ولا سيما اتفاقيات جنيف الرابعة عام 1949) تحت أي ذريعة كانت واستجابة لأي سبب أو حافز أيا يكن نوعه، لكن بسبب عدم وجود تعريف موحد للإرهاب متفق عليه من قبل المجتمع الدولي، كثرت المحاولات الفردية من الدول والفقهاء لتعريفه فتعددت التعاريف واختلفت الدول في موقفها من مفهوم الإرهاب، فقد عرف الإرهاب بأنه ” أي عمل عنف منظم يهدف إلى خلق حالة من اليأس أو الخوف بقصد زعزعة ثقة المواطنين بحكومتهم أو ممثليها، أو بقصد تهديم بنية نظام قائم، أو بقصد تدعيم أو تعزيز سلطة حكومة قائمة.” كما تم تعريفه بأنه “أي عمل منظم يستعمل فيه العنف (فعل جرمي) أو التهديد باستعمال العنف لخلق جو من الخوف بقصد القمع والإكراه أو بقصد تحقيق أهداف سياسية”.
والارهاب الدولي بأنه كل عمل عنف منظم، أو التهديد به، يقوم به أفراد أو جماعات أو حكومات أو دول لخلق حالة من الخوف أو الذعر أو اليأس بقصد تحقيق أهداف عامة، سياسية أو اجتماعية أو اقتصادية، تعتبر أعمالا إرهابية أعمال القمع والتوسع والاحتلال والاستغلال والهيمنة بكل أشكالها التي تمارسها الأنظمة الاستعمارية وأنظمة التمييز العنصري والهيمنة الأجنبية، ولا تعتبر أعمالا إرهابية نضال الشعوب وحركات التحرر الوطني لأجل تقرير المصير والتحرير والاستقلال.
الخاتمة:
يجب التفكير بصوت عالٍ وإلا لا حلّ أبداً لظاهرة توغلت في النسيج الإنساني حتى أصبحت تتهدده بالتلاشي والموت في الجسد العربي والعالمي وهذا يدل بشكل واضح على أن لا مكان أصبح في منأى عن الإرهاب اذا اصبح عابر للقارات ودوامة الموت في هذا العالم لأن الإرهاب الذي استهين به كثيرا، وتم توطينه في أراضي الحروب والبؤس، ما دام يحدث هناك، في الزوايا المنسية ويسمح للدكتاتوريات بأن تستمر أكثر بحجة محاربة الإرهاب. أصبح اليوم يدق على جميع الأبواب الأوروبية والأمريكية للتذكير فقط بأنه مخترق للحدود، ولا قوة، كيفما كانت، يمكنها أن تقف في مسالكه المعقدة بالطرق التقليدية. فقد طور من وسائل القتل ، حتى أصبح من الصعب متابعته إلا بتغيير جوهري في استراتيجيات الحرب ضد الإرهاب كما هو واضح اليوم أن الإرهاب انتقل إلى الخيارات الفردية وأن البشرية أمام ماكنة إرهابية غير رحيمة وشديدة الخطورة، تجب إدانتها بلا تردد، فهي أولا وأخيرا جريمة ضد الإنسان ويجب على العالم أعادة النظر بشكل متساو في تصنيف الأرهاب والجرائم الأرهابية